الثلاثاء، 30 يوليو 2013

المثليون في السودان

يتصور البعض لمثليين في السودان ان لهم وضع خاص بهم،لاكنه لا يختلف كثيرًا عن غيرهم في الدول العربية والإسلامية… تكاثرت أعدادهم بصورة ملحوظة… وزادت تجمعاتهم وأماكن لقاءاتهم، لكن حياتهم ليست تبات ونبات. فالمثليون في مصر شأنهم شأن أي جماعة متطرفة أو خارجة عن القانون، الشرطة تداهم أوكارهم بين الحين والآخر والقانون يطاردهم بعقوبات ت، والمجتمع لا يتسامح معهم لذلك يضطر المثليون إلى التكتم على ميولهم وعدم التصريح بها أمام الآخرين.

ومن هذا المنطلق حاولت ان اكتب سلسلة من المقالات التي قد تفيد القارئ في هذا LGBT-week-013، إلا أن العديد من المحللين وخبراء علم النفس والإجتماع يختلفون حول الأسباب التي تدفع بالفرد إلى المثلية، منهم من يرجعها إلى العامل البيولوجي وآخرون إلى عامل التربية والبيئة المنزلية ومنهم يعيدها إلى خلل نفسي، ويقترب العلماء في بعض الجامعات الأوروبية من إقتراح نتيجة علمية جديدة حول نشأة المثلية الجنسية وهو أن نزعة المثلية الجنسية تأتي بالفطرة والولادة.

ولا تزال هذه الظاهرة في العالم العربي تسيطر عليها المجتمعات السرية واللقاءات البعيدة من أعين المجتمع، إذ إنها تعد من المحرمات التي يرفضها المجتمع ويجرمها القانون. ويشهد العالم العربي مؤخرًا حركات تطالب بحقوق المثليين والظهور العلني، فخرجت في بيروت مؤخرًا تظاهرة صغيرة تطالب بإلغاء بعض المواد التي تجرّم المثلية، بالإضافة إلى مطالبات أخرى. وهي تعتبر المرة الأولى التي تخرج فيها مثل هذه التظاهرة في بلد عربي، ويبدو أنّ هناك تنسيقًا بين هذه الجماعات في الوطن العربي حيث محاولة تسجيل جمعية رسمية في الأردن، والإعلان عن مثلها في المغرب.

السوال الاهم هل المثليّة الجنسيّة فطريّة أم مكتسبة

مثليّ جنسيّ، ثنائيّ الجنس، مشتهٍ للمغاير…كثير من الباحثين حاولوا ويحاولون إلى الآن أن يعثروا على منابت نوازعنا الجنسيّة. ومن الحتميّة الوراثيّة حتّى التّفسيرات التّحليليّة النّفسيّة، هذا عرض صغير لليقينيات…

هناك دراسات سوسيولوجيّة متنوّعة تسمح لنا اليوم بالتّأكيد على أنّ المثليّة الجنسيّة موجودة في جميع المجتمعات. وتكاد النّسبة المئويّة للأشخاص ذوي الميول المثليّة الجنسيّة تكون هي نفسها في كلّ المجتمعات وعلى امتداد العصور. من الواضح أنّ السّلوك المثليّ كونيّ وحاضر منذ القدم. وحسب الإحصائيات، تشمل المثليّة الجنسيّة الحصريّة حوالي 3 % من سكّان الأرض. وهي نسبة يجب أن نضيف اليها ذوي النّزعات الثّنائيّة الجنس أوالمثليين الجنسيين الظّرفيين.

نحو تفسير بنيويّ: الهوس الأمريكيّ

سنة 1991، نشر الدّكتور لوفاي Le Vay في معهد سالك Salk بالولايات المتّحدة دراسة تشريحيّة لقسم من الدّماغ هو تحت المهاد l’hypothalamus) ) لواحد وأربعين جثّة تشريحيّة توفّي أصحابها بسبب أمراض مختلفة وكان من بينهم 16 مثليّا جنسيّا. فأظهر أنّ بنية صغيرة جدّا تدعى INH3 ، معروفة بأنّ لها دورا نشيطا في السّلوك الجنسيّ عند الثّدييات، كانت أقلّ حجما لمرّتين في أدمغة المثليين الجنسيين الخاضعين للدّراسة.

سنة 1993، جرّب فريق طبّيّ آخر بإدارة دين هامر Dean Hamer أن يثبت الخاصّيّة الوراثيّة للمثليّة الجنسيّة، من خلال إيعازه بوجود خاصّيّة مميّزة على الذّراع الطّويلة في الصّبغ أيكس، لا تنقل إلاّ عن طريق الأمّ، ويتواتر وجودها عند المثليين الجنسيين.

وأخيرا، في شهر أفريل المنصرم، حاول فريق طبّيّ أمريكيّ آخر أن يظهر رابطا بين رسم اليد الذّكريّة والسّلوك الجنسيّ. فبفعل الهرمونات الذّكريّة، تكون سبّابة الرّجال أقصر من بنصرهم. والحالة هذه، فانّ للنّساء المثليات، حسب رأي الفريق الطّبّيّ، يدا تحمل الخاصّيات الذّكريّة!

مختلف هذه الدّراسات اختارت الفرضيّة البنيويّة لتفسير المثليّة الجنسيّة، ساعيّة إلى تأكيد خاصّيتها الغريزيّة. وسواء اتّجهت نحو تفسيرات تشريحيّة أو وراثيّة أو هرمونيّة، فإنّها تحاول أن تثبت أنّ الإنسان يولد ومعه نزوع جنسيّ غيريّ أو مثليّ أو ثنائيّ bisexuel، مستقلّ عن تربيته وعن بيئته.

خاصّيّة فطريّة؟ لا دليل رغم الدّعم الكبير..

غالبا ما تلقى هذه الدّراسات دعما من جماعات ذات مصالح متباينة. هكذا مثلا تسعى جمعيات مثليّة جنسيّة إلى إثبات أنّ المثليين ليسوا مسئولين عن مثليتهم بما أنّها غريزيّة. وعلى النّقيض منها، تهتمّ اللّوبيات المحافظة بتلك الدّراسات لإثبات أنّ المثليين الجنسيين هم أناس معوّقون.

إنّ هذه الدّراسات الّتي أجريت على عدد ضعيف من المعالجين لم تأت بأيّ دليل على الخاصّيّة الهيكليّة للمثليّة الجنسيّة. ففي كلّ مرّة حاول فيها باحثون أن يكرّروا التّجربة فشلوا تماما في الحصول على النّتائج نفسها ومن جهته، قام علم النّفس التّحليليّ كثيرا بتأويل المثليّة الجنسيّة وسيرورة تشكّل الهويّة الجنسيّة، من خلال تحاليل مختلفة حسب اختلاف المدارس ( الفرويديّة أو اللاّكانيّة ).

 

نقلا عن: مدونة http://rainbowsudan.wordpress.com



الأربعاء، 10 يوليو 2013

المثلية الجنسية في الرواية العربية

|محمد ديبو|

شكلت المثلية الجنسية أحد المواضيع الجاذبة للرواية العربية، وتأتي جاذبيتها من كونها موضوعا مثيرا و مسكوتا عنه في آن. وتناولت الرواية موضوع المثلية بشقيه الذكري والأنثوي، معالجة موضوعا كان يعتبر إلى القريب واحدا من المحرمات الممنوع تداولها روائيا، رغم وجودها بكثرة في كتب التراث العربي الإسلامي.

وعالجت بعض الروايات الموضوع بشكل عرضي من خلال مشهد عابر ضمن سياق الرواية، أي اكتفت بالإشارة إلى وجود الظاهرة دون التطرق إليها، وبعضها الآخر عالجه بشكل جذري جاعلا منها موضوعا للرواية برمته.

ويمكننا أن نلاحظ في الفترة الأخيرة تكاثر الروايات التي تتحدث عن المثلية الجنسية، ومنها “شارع العطايف” الصادرة حديثا عن دار الساقي للكاتب السعودي عبد الله بن بخيت، ورواية “رائحة القرفة” لسمر يزبك، و”أنا هي أنت” لإلهام منصور، وقصة ” الدرس الأول” لصاحب هذه السطور في المجموعة القصصية “خطأ انتخابي” الصادرة حديثا عن دار الساقي، إضافة إلى مذكرات محمد شكري في “الخبز الحافي” التي تعتبر من الأعمال الأولى التي تحدثت بجرأة عن هذا الموضوع فاتحة الباب لطرح الموضوع من أوسع أبوابه.

ولكن قبل محمد شكري سبق لغادة السمان أن عالجت موضوع المثلية الأنثوية في إحدى قصصها وكذلك نزار قباني في إحدى قصائده:

مطر.. مطر.. وصديقتها معها، ولتشرين نواح والباب تئن مفاصله ويعربد فيه المفتاح شيء بينهما .. يعرفه اثنان، انا والمصباح وحكاية حب.. لا تحكى في الحب ، يموت الايضاح

الحجرة فوضى . فحلى ترمى .. وحرير ينزاح ويغادر زر عروته بفتور ، فالليل صباح الذئبة ترضع ذئبتها ويد تجتاح وتجتاح ودثار فر .. فواحدة تدنيه ، واخرى ترتاح وحوار نهود اربعة تتهامس ، والهمس مباح كطيور بيض في دغل تتناقر .. والريش سلاح حبات العقدين انفرطت من لهو ، وانهد وشاح

حاولت الروايات التي عالجت موضوع المثلية فهم المثلية الجنسية وطبيعتها وأسبابها لدى معتنقيها. فرأى بعض هذه الأعمال أن الأمر مكتسب عن طريق التعرض لاعتداءات نفسية في الطفولة وبعضها أعاده إلى أسباب طبقية واجتماعية يأتي الفقر في مقدمتها وقليل منها أعاد الأمر إلى موضوع جيني فطري يجعل من صاحب الهوية الجنسية المثلية حائرا بين مجتمع يرفض هويته وبين نوازعه وشهواته التي تضغط عليه بشدة فيعيش حالة من اللا توازن والخوف.

المثلية كنتاج لأسباب اجتماعية طبقية

عالجت سمر يزبك في روايتها “رائحة القرفة” موضوع المثلية الجنسية من خلال علاقة سيدة بخادمتها، حيث تدخل علاقة السيد والعبد بقوة في تحليل العلاقة المثلية، محيلة الأمر في أحد جوانبه إلى علاقة سيطرة فيها خاضع و مخضوع. فالسيدة تفرض قوتها على مخدومتها لتغدو الأخيرة خاضعة لها لا بفعل مثليتها بل بفعل ضعفها. فهي مجرد فقيرة لا تستطيع رفض طلب سيدتها وولية نعمتها. ومن جهة أخرى فهي بحاجة إلى حنان (أيا كان هذا الحنان). ولكن بعد فترة من العلاقة نجد أن الأمور تنقلب فتصبح السيدة عبدة بين فخذي مخدومتها، وتصبح الخادمة سيدة في الليل وخادمة في النهار. ونجد أن الخادمة تسعى لفرض سلطتها من خلال انتقامها من سيدتها التي نهرتها يوما لأنها نسيت نفسها في فراشها حتى الصباح. فتقيم علاقة مع زوجها لتنتقم من سيدتها التي أهانتها، الأمر الذي يجعل من ممارسة المثلية لدى الخادمة مجرد سبب لتحقيق أهداف معينة أي أنها مثلية عارضة، مكتسبة بفعل خارج فرضها لأسباب اجتماعية (الفقر) وطبقية (علاقة السيدة بخادمتها).

أما بالنسبة للسيدة في الرواية فنجد أن المثلية أيضا تبدو مكتسبة فهي ناتجة عن إهمال الزوج وغياب الحب وفراغ الوقت ونتيجة الإحساس بثقل القيم الزائفة التي يفرضها مجتمع الطبقات المخملية، أكثر مما هي حاجة داخلية لدى السيدة أي أنها تعويضا عن غياب ما.

هنا نلاحظ أن سمر يزبك في روايتها تعيد المثلية الجنسية إلى أسباب خارجية تفرضها عوائق الحياة، ويمكن لهذه المثلية أن تختفي بمجرد انتفاء الأسباب المؤدية لها.

ويمكن القول إنّ الرواية لم تسع لفهم الأسباب الداخلية لشخصياتها إذ عالجت أسباب الخارج ونسيت أسباب الداخل، فبقيت الرواية تعاني نقصا ما، ولكنها رغم ذلك سلطت الضوء على جوانب هامة من المسكوت عنه روائيا.

في مذكرات محمد شكري الرائعة “الخبز الحافي” يروي محمد شكري كيفية اصطحاب أحد الاسبانيين له في سيارته، ليأخذه على منطقة معينة ويقوم بعدها بمصّ عضوه الذكري وبعد الانتهاء يقوم الاسباني باعطاء محمد شكري بعض النقود وهنا يكتشف محمد شكري أنّ جسده يدرّ المال، فيقوم بممارسة هذا الشيء عندما يعضه الجوع، وبعدها لا يذكر محمد شكري أيّ أثر لممارسته المثلية. بل نراه يسرد علاقاته الكثيرة مع العاهرات، الأمر الذي يدل أنه اضطر إلى ممارسة المثلية بفعل الفقر لا أكثر ولا أقل، وهنا نجد أن السبب خارجي مفروض من الخارج بعيدا ن نزوعات الشخصية ودواخلها.

في روايته “شارع العطايف” يسرد عبد الله بن بخيت حيوات ثلاثة شبان سعوديين يعيشون في شارع العطايف(فحيج وسعندي شنغافة). شارع فقير مهمل تجتمع فيه كل أسباب الانحراف. شارع تفرض فيه علاقات القوة سطوتها على الجميع. الأمر الذي يجعل من المثلية ناتجا مفروضا من قبل الأقوياء على الضعفاء، حيث نجد شخصيات مهزومة ومكسورة تشكل مثليتها عبئا عليها بالدرجة الأولى. فتضطر إلى ممارسة الجنس المثلي بسبب الانغلاق و التوق إلى أنثى غائبة يصعب رؤيتها والالتقاء بها في مجتمع مغلق، وبسبب التعرض للاغتصاب في الطفولة، وبسبب وجود طاقة جنسية لا يمكن تفريغها إلا من خلال العلاقات المثلية. فتصبح المثلية مجرد جسر لتفريغ المكبوت. حيث نلاحظ أن شخصيات الرواية تحلم بالزواج كي تتخلص من واقع مثليتها، فهي في الداخل تحتقر مثليتها أو اضطرارها لممارسة المثلية وتنظر لها كعيب ينبغي التخلص منه، منتظرة أن تسنح لها فرصة الزواج كي تتخلص من مثليتها، ولكن أقدار الرواية تجنح بها نحو مصير واحد ينتهي بها إلى الموت.

في الروايات الثلاث السابقة نجد أن المثلية ناتجة بفعل خارجي يفرض ثقله على الشخصيات فتجبر على ممارسة المثلية، وأغلب هذه الأسباب اجتماعية – طبقية: الفقر وعلاقة السيد بالعبد و خضوع العبد لسيده وسعيه للانتقام منه عن طريق إخضاعه له جنسيا بجعله موضوعا لرغبته الجنسية. أي نجد أن الروايات تنظر ضمنيا للمثلية كمرض اجتماعي ينبغي التخلص منه. عيب اجتماعي ينتهي بمجرد انتفاء الأسباب المؤدية له، فلا نجد في الروايات إي موقف داع إلى حرية الشخص في اختيار هويته أو أي دفاع عن المثليين أو تبنّ لقضيتهم ولو بشكل موارب. بل على العكس نجد في “شارع العطايف” وضوحا في إظهار المثلية كعيب حتى إن الشخصيات نفسها تسعى للتحرر من مثليتها وتخجل منها. أما في روايتي “رائحة القرفة” والخبز الحافي” فنجد أن الأمر مستتر وليس واضحا تماما. ولكنه لا ينظر إليه من زاوية الحق في تحديد الهوية الجنسية الخاصة بكل فرد، فلا نجد خطابا تحرريا يسعى لجعل الموضوع خيارا فرديا بل هو يرد الأمر إلى أسباب خارجية بعيدا عن مناقشة دواخل الشخصيات.

11429588-homosexual-copule-in-love-symbols-on-green-blackboard

المثلية كنتاج لأسباب جينية/ داخلية

تعتبر رواية “أنا هي أنت” الرواية الوحيدة التي عالجت موضوع المثلية الجنسية من خلال رؤية تحررية تنظر إلى المثلية كحق من الحقوق الفردية التي لا يحق لأحد التدخل فيها.

تحكي الرواية قصة سهام التي تكتشف مثليتها أثناء دراستها في فرنسا حيث تتعرف على صديقتها كلير لتعيش معها قصة حب نادرة، إلى أن تأتي أم سهام لزيارتها، فتضطر سهام بحكم تربيتها الشرقية وانتمائها إلى ثقافة ترفض هذا الأمر إلى إخفاء الأمر والابتعاد عن صديقتها كي لا تكتشف أمها علاقتها مع كلير. ولكن صديقتها كلير تتذمر من هذا الوضع وتطلب من سهام حسم موقفها وتنتقد ضعفها أمام أمها وعدم دفاعها عن حريتها وحقها في اختيار هويتها الجنسية فتنفصل عنها.

تعود سهام إلى لبنان الغارق في حربه، تحمل معها حيرتها وهويتها الجنسية التي لا تعرف كيف تتعامل معها في مجتمع لا يعترف بأمر كهذا. فتسعى لفهم هويتها وكيف تكونت لديها، فتتذكر طفولتها حيث ترى بين الحلم والواقع يد أمها أو جدتها وهي تدغدغ لها ظهرها في الطفولة، لتبدأ هويتها بالتشكل من هناك أو ربما كان هذا الأمر هو المحفز الأول الذي بدأت تعي معه ميلها نحو الإناث ونفورها من الرجال.

تتعرض سهام لنكسة جديدة بعد تخلي صديقتها اللبنانية عنها وذهابها إلى أحضان رجل أحبها في خريف عمرها. فتسعى سهام لكامل طاقتها لاستعادتها، فتذهب إليها وتتذلل لها إلى أن يقوم الحبيب الجديد لصديقتها بتهديدها بالقتل، فتبتعد مذعورة، خائفة مرتبكة، تبحث عمن يسمع لها ويمسح جروحها ويهدهد شهوتها. فتجد ضالتها لدى أستاذتها في الجامعة “ليال” التي تستمع لها وتحاول سهام استمالتها، فترفض الدكتورة ولكنها تبقي على علاقتها معها كصديقة، لنكتشف في نهاية الرواية أن ليال هي الأخرى مثلية!

تبين لنا الرواية حيرة سهام وضياعها بين مجتمعها الذي يرفضها وهويتها التي تبحث عن حقها في الإشباع، فالأم تقول لها بلهجة قاسية تعكس نظرة المجتمع : أموت ولا أريد أن أعرف أنك منهن!

وتدخل الرواية عالم المثلية الأنثوي من خلال تسليطها الضوء على حالات مختلفة : سهام التي لا تجد نفسها إلا في المثلية الأنثوية، وميمي المتزوجة التي تمارس الجنس المثلي بعد أن مارست الغيري.

تذهب الروائية إلى موضوعها قادمة من منطقة الحرية التي تنظر للأمر من دائرة الحرية الشخصية التي لا يحق لأحد التدخل بها، مدافعة وإن بشكل ضمني عن حق بطلتها في الاعتراف بهويتها وحقها في إشهارها، حيث نجد لغة متعاطفة مع البطلة، تشرح عذابها وضياعها وتشرّد شهواتها في ممرات ضيقة ساعية لايجاد منافذ نور تعبر عن ذاتها من خلالها.

في النهاية، يمكن القول إن الرواية العربية عالجت موضوع المثلية وفق نظريتين اثنتين وهما السائدتان عالميا حتى الآن:

الأولى ترى في الأمر مرضا اجتماعيا – طبقيا ينشأ عن ظروف معبنة تتعرض لها الشخصية في الطفولة (اغتصاب – فقر- ..) ومثّل هذا الاتجاه روايات “رائحة الفرقة” و”الخبز الحافي” و”شارع العطايف”..

الثانية عالجت الموضوع من قبل النظر له كمفهوم جيني أي أنّ الإنسان يولد ومعه نزوع جنسيّ غيريّ أو مثليّ أو ثنائيّ، وهذا يدخل في نطاق الحرية الشخصية التي لا يحق لأحد التدخل بها، ناظرة إلى الموضوع من الداخل (الجيني ) و الخارج ( ضغوط مجتمع وفقر وموضوع طبقي) مثل ” أنا هي أنت”.

(عن “الأوان”؛ نشر المقال عام 2009 وبالتالي فهو لا يغطي فترة السنتين الأخيرتين (ولكننا ارتأينا نشره لقيمته وأهميته))

نقلا عن: مدونة http://rainbowsudan.wordpress.com